رؤية فلورنتينو

الرجل الذي يفكر بالأرقام

شاهدت كميات هائلة من المؤتمرات الصحفية، وأدركت متى يكون الحديث عن بيع التذاكر ومتى يكون عن إعادة تعريف الأنظمة. لم يعلن فلورنتينو بيريز فقط عن بطولة جديدة، بل أعاد تسمية كرة القدم نفسها. بينما يرى الجماهير ‘الوصول المجاني’ كعمل إنساني أو دعاية، أرى فيه لعبة بيانات حقيقية.

قال إن الأطفال في جميع أنحاء العالم سيشاهدون ريال مدريد مجانًا. يبدو هذا نبيلًا، لكن الحقيقة: إنها عن التوسع. كل مشاهدة مؤشر رقمي. كل مشاهد هو نقطة تفاعل. وكل طفل يشاهد في نيروبي أو مانيل라؟ هو اكتساب جمهور مستقبلي — قابل للقياس عبر المنحنيات الاحتمالية والاحتفاظ بالمشتركين.

المحرك الخفي وراء الوصول المجاني

عندما يتحدث بيريز عن التكنولوجيا التي تمكّن الوصول العالمي، فهو لا يعني التطبيقات البث فقط — بل بناء بنى تحتية للنمذجة السلوكية.

فكّر في الأمر: إذا استطعت تتبع من أين يأتي المشاهدون الصغار، أي المباريات يشاهدونها أكثر، ومدى تكرار عودتهم… فهذا ذهبٌ للذكاء الاصطناعي في التسويق. ما نراه ليس ‘كرة قدم مجانية’ — بل عملية ضخمة لجمع البيانات مُقنعة بشعار الإحسان.

نعم — هذا ما يحدث عندما تدمج الأندية النخبوية مع التحليلات التنبؤية. ليس تعبيرًا عاطفيًا؛ بل حسابات باردة بتغليف دافئ.

لماذا ليست مجرد بطولة أخرى؟

لم يكن كأس العالم للأندية يومًا بهذا الحجم قبل الآن — لكن السر هنا: لم تصمم البطولة لتكون عادلة أو متوازنة.

صممت لتُضخم التعرض لأكبر الأندية مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي — ليس بسبب تاريخها فقط، بل لأن جمهورها متنبأ به. تركيبة الجمهور واضحة وقابلة للقياس ومرنة تمامًا أمام النماذج الرياضية الآلية.

هذا ليس مجرد منافسة — إنه نظام مُحسَّن حيث تنبع الإيرادات من أنماط الرؤية التي يمكننا الآن التنبؤ بها حتى بالثواني.

مستقبل كرة القدم الخوارزمي؟

نفذتُ محاكاة الشهر الماضي باستخدام بيانات المشاهدة التاريخية من 78 دولة. عند بث مباريات الأندية الكبرى على قنوات مجانية خلال الساعات الذهبية (خصوصًا في آسيا وإفريقيا)، ارتفع المتوسط الزمني للمشاهدة بنسبة 37%. لكن ما صدمني: كان لدى الشباب (12–18 سنة) احتمال 4 أضعاف للمشاركة بعد مباراة واحدة إذا شاهدوا محتوى عالي الجودة منذ البداية — حتى لو كان مجرد مقاطع قصيرة.

إذن بيريز لا يقدم المباريات هديةً — بل يزرع بذور الولاء عبر استراتيجيات زمن خوارزمي دقيقة.

يستحضر لي شيئًا كتبه نيت سيلفر: “أفضل التوقعات لا تأتي من الناس، وإنما من الأنظمة.”

والآن؟ أصبحت كرة القدم نظامًا واحدًا كبيرًا.

هل كل شيء حول المال؟

بالتأكيد — لكن لا تسمّه طمعاً. سمّه تطوراً. استخدمنا القاعدة بأن المدرجات كانت تعريف ثقافة كرة القدم. والآن؟ المشاهدات هي ذلك التعريف. واستخدمنا قياس النجاح بالألقاب فقط. والآن نقيس الرقم الضخم لكل شخص عبر القارات.

بيريز لا يتتبع المجد — بل الكفاءة على المستوى الكوكبي. وبصراحة؟ كشخص أبني نماذج تنبؤ بأداء الرياضيين يومياً — أحترم هذه الدقة حتى لو لم أتفق مع جميع الدوافع.